فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والتنوين في {مَغْفِرَةٍ} للتعظيم ويؤيده الوصف، وكذا في {جَنَّةُ} ويؤيده أيضا وصفها بقوله سبحانه: {عَرْضُهَا السماوات والأرض}. اهـ. بتصرف يسير.
فصل:
قال الفخر:
قالوا: في الكلام حذف والمعنى: وسارعوا إلى ما يوجب مغفرة من ربكم ولا شك أن الموجب للمغفرة ليس إلا فعل المأمورات وترك المنهيات، فكان هذا أمرا بالمسارعة إلى فعل المأمورات وترك المنهيات، وتمسك كثير من الأصوليين بهذه الآية في أن ظاهر الأمر يوجب الفور ويمنع من التراخي ووجهه ظاهر، وللمفسرين فيه كلمات:
إحداها: قال ابن عباس: هو الإسلام أقول وجهه ظاهر، لأنه ذكر المغفرة على سبيل التنكير، والمراد منه المغفرة العظيمة المتناهية في العظم وذلك هو المغفرة الحاصلة بسبب الإسلام.
الثاني: روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: هو أداء الفرائض، ووجهه أن اللفظ مطلق فيجب أن يعم الكل.
والثالث: أنه الإخلاص وهو قول عثمان بن عفان رضي الله عنه: ووجهه أن المقصود من جميع العبادات الإخلاص، كما قال: {وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} [البينة: 5].
الرابع: قال أبو العالية: هو الهجرة.
والخامس: أنه الجهاد وهو قول الضحاك ومحمد بن اسحاق، قال: لأن من قوله: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} [آل عمران: 121] إلى تمام ستين آية نزل في يوم أحد فكان كل هذه الأوامر والنواهي مختصة بما يتعلق بباب الجهاد.
السادس: قال سعيد بن جبير: انها التكبيرة الأولى.
والسابع: قال عثمان: انها الصلوات الخمس.
والثامن: قال عكرمة: إنها جميع الطاعات.
لأن اللفظ عام فيتناول الكل.
والتاسع: قال الأصم: سارعوا، أي بادروا إلى التوبة من الربا والذنوب، والوجه فيه أنه تعالى نهى أولا عن الربا، ثم قال: {وَسَارِعُواْ إلى مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ} فهذا يدل على أن المراد منه المسارعة في ترك ما تقدم النهي عنه، والأولى ما تقدم من وجوب حمله على أداء الواجبات والتوبة عن جميع المحظورات، لأن اللفظ عام فلا وجه في تخصيصه، ثم أنه تعالى بين أنه كما تجب المسارعة إلى المغفرة فكذلك تجب المسارعة إلى الجنة، وإنما فصل بينهما لأن الغفران معناه إزالة العقاب، والجنة معناها إيصال الثواب، فجمع بينهما للإشعار بأنه لابد للمكلف من تحصيل الأمرين، فأما وصف الجنة بأن عرضها السموات: فمعلوم أن ذلك ليس بحقيقة؛ لأن نفس السموات لا تكون عرضا للجنة، فالمراد كعرض السموات والأرض. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السماوات والأرض} تقديره كعرض فحذف المضاف؛ كقوله: {مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لقمان: 28] أي إِلا كخلق نفس واحدة وبعثها.
قال الشاعر:
حَسَبْتَ بُغَامَ رَاحِلَتي عَنَاقًا ** وما هي وَيْبَ غَيْرِكَ بالعَنَاقِ

يريد صوت عناق.
نظيره في سورة الحديد {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السماء والأرض} [الحديد: 21]. اهـ.

.قال الثعالبي:

وقوله سبحانه: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السموات والأرض}، أي: كعرض السموات والأرض، قال ابنُ عبَّاس في تفسير الآية: تقرن السمواتُ والأرَضُونَ بعضها إلى بعض؛ كما تبسطُ الثيابُ، فذلك عَرْضُ الجَنَّة؛ ولا يَعْلَمُ طولَهَا إلا الله سبحانه؛ وفي الحديثِ الصحيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ بَيْنَ المِصْرَاعَيْنِ مِنْ أَبْوابِ الجَنَّةِ مَسِيرَةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَسَيَأْتِي عَلَيْهَا يَوْمٌ يَزْدَحِمُ النَّاسُ فِيهَا كَمَا تَزْدَحِمُ الإبِلُ، إذَا وَرَدَتْ خُمُصًا ظِمَاءً» وفي الصحيح: «إنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ المُجِدُّ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا» فهذا كلُّه يقوِّي قولَ ابْنِ عَبَّاسِ، وهو قولُ الجُمْهور: إنَّ الجنَّة أَكْبرُ من هذه المخلوقاتِ المذْكُورة، وهي ممتدَّة على السَّماء؛ حيْثُ شاء الله تعالى، وذلك لا يُنْكَرُ، فإن في حديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُونَ السَّبْعُ فِي الكُرْسِيِّ إلاَّ كَدَرَاهِمَ أُلْقِيَتْ فِي فَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ، وَمَا الكُرْسِيُّ فِي العَرْشِ إلاَّ كَحَلْقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ أُلْقِيَتْ فِي فَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ».
قال ع: فهذه مخلوقاتٌ أعظم بكثير جدًّا من السمواتِ والأرضِ، وقدرةُ الله أعْظَمُ مِنْ ذلك كلِّه، قلتُ: قال الفَخْر وفي الآية وجْه ثانٍ؛ أنَّ الجنَّة التي عرضُها مثْلُ عَرْضِ السمواتِ والأرضِ، إنما تكونُ للرَّجُل الواحدِ؛ لأن الإنسان يَرْغَبُ فيما يكون مِلْكًا له، فلابد أَنْ تصير الجَنَّة المملوكة لكلِّ أحد مقْدَارُها هكذا. اهـ.
وقُدْرَةُ الله تعالى أوسع، وفَضْلُه أعظم، وفي صحيح مسلم، والترمذيِّ، مِنْ حديث المُغَيرة بْنِ شُعْبَة رضي الله عنه: «في سُؤَال موسى رَبَّهُ عَنْ أدنى أَهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً، وَأَنَّهُ رَجُلٌ يَأْتِي بَعْدَ مَا يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: أترضى أن يكون لَكَ مَا كَانَ لِمَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: رَضِيتُ، أَيْ رَبِّ، فَيُقَالُ لَهُ: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ، وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ، فَقَالَ فِي الخَامِسَةِ: رَضِيتُ، أيْ رَبِّ، فَيُقَالُ لَهُ: لَكَ ذَلِكَ، وَعَشَرَةُ أمثالهِ، فَيَقُولُ: رَضِيتُ، أَيْ رَبِّ، فَيُقَالُ لَهُ: فَإنَّ لَكَ مَعَ هَذَا مَا اشتهت نَفْسُكَ، وَلَذَّتْ عَيْنُكَ». قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وفي البخاريِّ من طريقِ ابْنِ مسعودٍ رَضِيَ الله عَنه: «إنَّ آخِرَ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا الجَنَّة، وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَبْوًا، فَيَقُولُ لَهُ رَبُّهُ: ادخل الجَنَّةَ، فَيَقُولُ: رَبِّ، الجَنَّةُ ملأى، فَيَقُولُ لَهُ: إنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا عَشْرَ مَرَّاتٍ». اهـ.
وفي جامع التِّرمذيِّ، عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أدنى أَهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمَنْ يَنْظُرُ إلى جِنَانِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَنَعِيمِهِ وَخَدَمِهِ وَسُرُرِهِ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ، وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى الله مَنْ يَنْظُرُ إلى وَجْهِهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً» الحديثَ، قال أبو عيسى، وقد رُوِيَ هذا الحديثُ مِنّ غير وَجْهٍ، مرفوعًا وموقوفًا، وفي الصَّحيحِ ما معناه: «إذَا دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، تبقى فِيهَا فَضْلَةٌ، فَيُنْشِيءُ الله لَهَا خَلْقًا»، أَوْ كما قال. اهـ.

.قال القرطبي:

واختلف العلماء في تأويله؛ فقال ابن عباس: تُقرن السموات والأرض بعضها إلى بعض كما تبسط الثياب ويوصل بعضها ببعض؛ فذلك عرض الجنة، ولا يعلم طولها إلا الله.
وهذا قول الجمهور، وذلك لا ينكر؛ فإن في حديث أبي ذرّ عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ما السموات السبع والأرضون السبع في الكرسي إلا كدراهم ألقيت في فلاةٍ من الأرض وما الكرسي في العرش إلا كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض» فهذه مخلوقات أعظم بكثير جدًا من السموات والأرض، وقدرة الله أعظم من ذلك كله.
وقال الكلبي: الجِنَان أربعة: جنة عدن وجنة المأوى وجنة الفردوس وجنة النعيم، وكل جنة منها كعرض السماء والأرض لو وصل بعضها ببعض.
وقال إِسماعيل السدي: لو كسرت السموات والأرض وصرن خردلا، فبِكل خردلة جنة عرضها كعرض السماء والأرض.
وفي الصحيح: «إن أدنى أهل الجنة منزلة من يتمنَّى ويتمنَّى حتى إذا انقطعت به الأماني قال الله تعالى: لك ذلك وعشرة أمثاله» رواه أبو سعيد الخدري، خرجه مسلم وغيره.
وقال يعلى بن أبي مُرّة: لقيتُ التَنُّوخي رسول هِرقْلَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم بِحمْص شيخا كبيرا قال: قدِمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب هرقل، فناول الصحيفة رجلا عن يساره، قال: فقلت من صاحبكم الذي يقرأ؟ قالوا: معاوية؛ فإذا كتاب صاحبي: أنك كتبت تدعوني إلى جنة عرضها السموات والأرض فأين النار؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله فأين الليل إذا جاء النهار».
وبمثل هذه الحجة استدل الفاروق على اليهود حين قالوا له: أرأيت قولكم «وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ» فأين النار؟ فقالوا له: لقد نزعت بما في التوراة.
ونَبَّه تعالى بالعرض على الطول لأن الغالب أن الطول يكون أكثر من العرض، والطول إذا ذكر لا يدل على قدر العرض.
قال الزُّهري: إنما وصف عرضها.
فأما طولها فلا يعلمه إلا الله؛ وهذا كقوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} فوصف البِطَانَة بأحسن ما يعلم من الزينة، إذ معلوم أن الظواهر تكون أحسن وأَتقن من البطائن. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}:

.قال الألوسي:

{أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} أي هيئت للمطيعين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وإنما أضيفت إليهم للإيذان بأنهم المقصودون بالذات وإن دخول غيرهم كعصاة المؤمنين والأطفال والمجانين بطريق التبع وإذا حملت التقوى في غير هذا الموضع، وأما فيه فبعيد على التقوى عن الشرك لا ما يعمه وسائر المحرمات لم نستغن عن هذا القول أيضا لأن المجانين مثلًا لا يتصفون بالتقوى حقيقة ولو كانت عن الشرك كما لا يخفى.
وجوز أن يكون هناك جنات متفاوتة وأن هذه الجنة للمتقين الموصوفين بهذه الصفات لا يشاركهم فيها غيرهم لا بالذات ولا بالتبع ولعلها الفردوس المصرح بها في قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس» وفيه تأمل. اهـ.

.قال الفخر:

قوله تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ظاهره يدل على أن الجنة والنار مخلوقتان الآن وقد سبق تقرير ذلك. اهـ.

.أسئلة وأجوبة:

السؤال الأول: ما معنى أن عرضها مثل عرض السموات والأرض وفيه وجوه:
الأول: أن المراد لو جعلت السموات والأرضون طبقا طبقا بحيث يكون كل واحدة من تلك الطبقات سطحا مؤلفا من أجزاء لا تتجزأ، ثم وصل البعض بالبعض طبقا واحدا لكان ذلك مثل عرض الجنة، وهذا غاية في السعة لا يعلمها إلا الله.
والثاني: أن الجنة التي يكون عرضها مثل عرض السموات والأرض إنما تكون للرجل الواحد لأن الإنسان إنما يرغب فيما يصير ملكا، فلابد وأن تكون الجنة المملوكة لكل واحد مقدارها هذا.
الثالث: قال أبو مسلم: وفيه وجه آخر وهو أن الجنة لو عرضت بالسموات والأرض على سبيل البيع لكانتا ثمنا للجنة، تقول إذا بعت الشيء بالشيء الآخر: عرضته عليه وعارضته به، فصار العرض يوضع موضع المساواة بين الشيئين في القدر، وكذا أيضا معنى القيمة لأنها مأخوذة من مقاومة الشيء بالشيء حتى يكون كل واحد منهما مثلا للآخر.
الرابع: المقصود المبالغة في وصف سعة الجنة وذلك لأنه لا شيء عندنا أعرض منهما ونظيره قوله: {خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض} [هود: 107] فان أطول الأشياء بقاء عندنا هو السموات والأرض، فخوطبنا على وفق ما عرفناه، فكذا هاهنا. اهـ.
السؤال الثاني: لم خص العرض بالذكر.
والجواب فيه وجهان:
الأول: أنه لما كان العرض ذلك فالظاهر أن الطول يكون أعظم ونظيره قوله: {بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} [الرحمن: 54] وإنما ذكر البطائن لأن من المعلوم أنها تكون أقل حالا من الظهارة، فاذا كانت البطانة هكذا فكيف الظهارة؟ فكذا هاهنا إذا كان العرض هكذا فكيف الطول.
والثاني: قال القفال: ليس المراد بالعرض هاهنا ما هو خلاف الطول، بل هو عبارة عن السعة كما تقول العرب: بلاد عريضة، ويقال هذه دعوى عريضة، أي واسعة عظيمة، والأصل فيه أن ما اتسع عرضه لم يضق، وما ضاق عرضه دق، فجعل العرض كناية عن السعة.
السؤال الثالث: أنتم تقولون: الجنة في السماء فكيف يكون عرضها كعرض السماء؟
والجواب من وجهين:
الأول: أن المراد من قولنا انها فوق السموات وتحت العرش، قال عليه السلام: في صفة الفردوس «سقفها عرش الرحمن» وروي أن رسول هرقل سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أنك تدعو إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين فأين النار؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله فأين الليل إذا جاء النهار».
والمعنى والله أعلم أنه إذا دار الفلك حصل النهار في جانب من العالم والليل في ضد ذلك الجانب، فكذا الجنة في جهة العلو والنار في جهة السفل، وسئل أنس بن مالك عن الجنة أفي الأرض أم في السماء؟ فقال: وأي أرض وسماء تسع الجنة، قيل فأين هي؟ قال: فوق السموات السبع تحت العرش.
والوجه الثاني: أن الذين يقولون الجنة والنار غير مخلوقتين الآن، بل الله تعالى يخلقهما بعد قيام القيامة، فعلى هذا التقدير لا يبعد أن تكون الجنة مخلوقة في مكان السموات، والنار في مكان الأرض، والله أعلم. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قرأ نافعُ، وابْنُ عَامِرٍ: سارعوا- بدون واو- وكذلك هي في مصاحف المدينة والشام.
والباقون بواو العطف، وكذلك هي في مصاحف مكةَ والعراقِ ومصحف عثمانَ.
فمن أسقطها استأنف الأمر بذلك، أو أراد العطف، لكنه حذف العاطفَ؛ لقُرْب كل واحد منهما من الآخر في المعنى- كقوله تعالى: {ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: 22]، فإن قوله: {وسارعوا}، وقوله: {وأطيعوا} كالشيء الواحد، وقد تقدم ضعف هذا المذهب.
ومن أثبت الواو عطف جملة أمريةً على مثلها، وبعد إتباع الأثر في التلاوة، أتبع كل رسم مصحفه.
ورَوَى الكِسَائِيُّ: الإمالة في {وسارعوا}، و{أولئك يُسَارِعُونَ} [المؤمنون: 61]، و{نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الخيرات} [المؤمنون: 56] وذلك لمكان الراء المكسورة.
قوله: {مِّن رَّبِّكُمْ} صفة لِـ {مَغْفِرَةٍ}، و{مِنْ} للابتداء مجازًا.
قال بعضهم: في الكلام حذف، والتقدير: وسارعوا إلى ما يوجب مغفرة من ربكم.
وفيه نظر؛ لأن الموجب للمغفرة، ليس إلا أفعال المأمورات، وترك المنهيات، فكان هذا أمرًا بالمسارعة إلى فعل المأمورات، وترك المنهيات.